لم يعد الوصول الحر خيار أو نوعاً من الرفاهية كي تتبناه الدول والمنظمات والمؤسسات الاكاديمية والبحثية لإتاحة إنتاجها الفكري والعلمي على الشبكة العنكبوتية. فما يتضمنه مفهوم وممارسات الوصول الحر للإتاحة المجانية للرصيد الفكري العلمي من خلال الانترنت وبأستخدام تقنيات وتطبيقات حديثة متؤامة مع المتطلبات الحالية والاحتياجات الحتمية لتقديم المعلومة بأيسر الطرق واسرعها لمريديها من باحثين وطلاب وعلماء وعامة الشعب، فلا يمكن حجب المعلومة تحت أي غطاء ما دامت من ضروريات الحياة. ولسنا في هذا المقال نوطد للوصول الحر أو نعرف به أو نذكر فؤائده ومنافعه على المجتمع العلمي أو على المنظومة الاكبر المعرفة البشرية، فقد تبنت مدونة المبادرات العربية في مجال الوصول الحر والتي اكملت عامها الخامس هذا المسار وبذلت العديد من أجل خدمة المجتمع العلمي وتعريفهم بالوصول الحر وما العوائد والمنافع المرتقبة منه. بيد أننا في هذا المقال المقتضب نعرض لأحدث التقارير التي تعرضت للوصول الحر واكدت حتميته لإستمرار الحراك العلمي والبحثي في المجتمعات العلمية.
تقريرنا بعنوان "تقرير البحث العالمي Global Research Report" والصادر عن مؤسسة ميندلي (Mendeley) بلندن، وقد عرف ميندلي منذ عام 2009 عندما اطلق برنامجه المعني بتنظيم الاعمال العلمية والاوراق البحثية للباحثين والعلماء والطلاب، وفي بدايته كانت فكرته ترتكز على تنظيم الاستشهادات المرجعية في كتابة البحث مثل نظرائه من البرمجيات المعروفة في هذا السياق مثل
EndNote, Reference Manager, Zotero, BibTex, etc.. لكن ميندلي طورت من برنامجها ليكون منصة تواصل بحثي وعلمي بالاضافة إلى كونه مكتبة شخصية للمستخدم لتنظيم كافة ممارسته البحثية على تلكم المنصة. وقد تجاوز عدد المستخدمين لهذه المنصة المليوني مستخدم، وعدد الوثائق التي تم تخزينها في المنصة اكثر من ثلاث مئة مليون وثيقة (حتى تاريخ كتابة هذا التقرير).
عودة على تقرير البحث العالمي، والذي يعد الاول من نوعه في دراسة المستفيدين من حيث العوامل الاقتصادية والانتاجية العلمية والبحثية، ناهيك عن كون التقرير قام بتحليل بيانات ما يقرب من ٢ مليون مستفيد من هذا البرنامج. وقد كشف هذا التقرير عن مدى ارتباط الناتج المحلي الاجمالي ( ن م ا : Gross domestic product (GDP) ) لكل دولة من الدول التي تناولها التقرير والبالغ عددها 80 دولة، معدل الانفاق الحكومي للبحث والتطوير ( Research and Development R & D). وخلص بما مفادة أن الدول النامية توجه تحدي كبير من أجل اتاحة الوصول للابحاث والاوراق العلمية للباحثيها، وينبغي عليها أن تضاعف معدلات النفقات على البحث والتطوير 10 مرات كي تتمكن أن توفر الاحد الادنى من الوصول للابحاث العلمية والبالغ 50 ورقه علمية لكل باحث. لذا فإن الوصول الحر اصبح ضرورة حتمية لتحقيق أعلى نسب الافادة من الابحاث العلمية، وبذلك لابد أن يتم تبنيه وتشجيعه وسن الانظمة والتشريعات من اجل تطبيقه.
وفيما يلي نستعرض سوية ابرز النتائج لتقرير البحث العالمي:
التخصصات الاكاديمية للمستفيدين:
عرض التقرير للتخصصات البحثية والاكاديمية للمستفيدين وكما يتضح في الصورة أن العلوم الحيوية والطبية استحوذت على النسبة الاكبر من اهتمامات المستفيدين. بينما كانت العلوم الانسانية والفنون هي الاقل اهتمام.
النشطات البحثية على النطاق العالمي:
كما توضح لنا الخارطة وفقاً للقارات عدد المستخدمين من برنامج ميندلي، ومتوسط الاوراق التي يستفيد منها كل باحث في كل قارة، وكذلك متوسط الساعات الدراسية التي ينفقها كل باحث.
الابحاث العلمية وفقا لكل دولة:
المستفيدين في دولة الارجنتين هم الاكثر قراءة للابحاث والمراجع، ويأتي المستفيدين من دولة البرتغال في الترتيب عشرين بمعدل 155.9 بحث يقراءه كل مستفيد.
وعلى النطاق الجغرافي للشرق الاوسط نترك الارقام تتحدث في الجدول البياني التالي:
أطول الساعات الدراسية للسمتفيدين:
الجدول البياني التالي يوضح متوسط الساعات الدراسية التي ينفقها الباحثين وفقا للدول:
حتمية الوصول الحر للستفيدين
مؤشر النتاج المحلي الاجمالي و النشاط البحثي:
الرسم البياني التالي يوضح كمية الانتاج المحلي الاجمالي مقابل عدد الاوراق والابحاث التي يتمكن كل باحث في كل دوله من الحصول عليها وجمعها.
مؤشر الانفاق على البحث والتطوير و النشاط البحثي:
الرسم البياني التالي يوضح معدل الانفاق على البحث والتطوير لكل دولة مقابل عدد الاوراق والابحاث التي يتمكن كل باحث في كل دولة من الحصول عليها وجمعها. ونلمس هنا أن المؤشر ينبئ بأن زيادة الانفاق تسهم في زيادة كفاءة النشاط البحثي ومن اهمه الحصول على مصادر المعلومة والوصول له.
مؤشر الانفاق على البحث والتطوير و متوسط الساعات الدراسية:
يوضح الرسم البياني معدل الانفاق على البحث والتطوير لكل دولة مقابل متوسط الساعات الدراسية التي ينفقها كل باحث في كل دولة. وكذلك نلمس أن الدول التي تنفق مبالغ اكبر على البحث والتطوير تحضى بزيادة في معدلات القراءة والدراسة للاوراق والمصادر المعرفية.
نود أن نختم في عجالة نقول فيها أننا إذا اردنا أن نكون في مضمار التقدم العلمي والتنافس العالمي في مجال البحث فإننا بالمجمل لابد من تبني الوصول الحر ودعمه على النطاق الوطني والاقليمي، فالدول المتقدمة قطعت اشواطاً طويله في هذا المسار، وقد خطت بعض الدول النامية خطوات في هذا المسار.
لكل من قراء مقالنا هذا واراد التعرف بصورة اكبر عن الوصول الحر تصفح مدونتنا، ونرحب دوماً بالتواصل معنا.