من صحيفة الحياة
الأحد, 21 نوفمبر 2010
منذ عشر سنوات، بدأ عددٌ من العلماء «حركة الوصول المفتوح» Open Access Movement إلى مجلات إلكترونية مجانية، أسّسوها بأنفسهم وحرصوا على أن يأتي تمويلها من رسوم تُفرض على مؤلفي تلك البحوث. وتَمَثَّل إنجازهم الريادي في صنع مكتبة إلكترونية تتيح للجمهور وصولاً مفتوحاً للبحوث العلمية، وسمّوها «المكتبة العامة للعلوم» Public Library for Science، وسرعان ما أصدرت مجلة إلكترونية باسمها. ومن المتوقع أن تنجح هذه المكتبة ومكتبتها في الوصول إلى حال من التوازن مالياً، ولكنّ تجربتها تبقى محور جدل.
< قبل عشر سنوات، تعهّد ثلاثة علماء أميركيّون في الطب الحيوي العملَ على بدء ثورة في مجال النشر العلمي. أرادوا إقناع ناشري المجلات العلمية الورقية بأن يرسلوا البحوث العلمية التي تصلهم إلى موقع مكتبة إلكترونية مجانية، مقابل أن يفرضوا رسوماً على العلماء الذين يرسلون نتائج بحوثهم، باعتبار ان النشر يمثّل ترويجاً لهم، إضافة الى أن هذه البحوث مموَّلة أصلاً من الحكومة أو الشركات العملاقة.
وأطلق هؤلاء العلماء على مشروعهم اسم «المكتبة العامة للعلوم» (اسمها المختصر «بلوس» «PLOS»، ورأوا فيها حلاً لمشكلة تصاعد كلفة المجلاّت، إضافة الى أنها تساهم في نقل المعارف العلمية عالمياً، لأنها تضع البحوث في فضاء الانترنت بصورة مفتوحة.
فجوة المعرفة تسدّها الحرية الرقمية
وأوضح مؤسسو «المكتبة العامة للعلوم»، ومن بينهم هارولد فارمُس، المدير السابق لـ «المعاهد الوطنية للصحة»، والمدير الحالي لـ «المعهد الوطني للسرطان»، أنّ إتاحة أوراق البحوث عالمياً بشكلٍ مجّاني، يزيد بشكلٍ كبيرٍ من إمكان الوصول إلى المنشورات العلمية، ويعزّز الإنتاج العلمي، ويلمّ شمل المجوعات المختلفة التي تعمل في بحوث الطب والبيولوجيا.
تحصد «حركة الوصول المفتوح» Open Access Movement حالياً النجاحَ، إذ ينتج ناشرو المجلات العلمية الورقية مئات المجلات الإلكترونية المجانية والمُنَقَّحة من ذوي الاختصاص نفسه. وأطلقت المكتبة الإلكترونية «بلوس» أوّل مجلّة لها في العام 2003. وأمام الكونغرس الأميركي، أوضحت كاترين نانكاراو، وهي مديرة تحرير في «بلوس»، أن هذه المكتبة الرقمية حققت ربحاً صغيراً هذه السنة، ما يعتبر علامةً فارقةً في مسار «بلوس» والمنشورات الرقمية العلمية المفتوحة الوصول جميعها.
ولتبيان أهمية هذا التغيير، يجب تذكّر الصورة السابقة لنشر البحوث العلمية في الطب والبيولوجيا، فقد جرت العادة أن تطلب مؤسسات التمويل من العلماء إرسال نسخ من مقالاتهم المنشورة في المجلات الورقية إلى أرشيفات إلكترونية مجانية، مثل موقع «بوب ميد سنترال» PubMed Central التابع للمعاهد الوطنية للصحة.
وتبيّن دراسة حديثة أنّ عشرين في المئة من المقالات العلمية الموثّقة، تصل إلى مخازن رقمية مجانية. ويشمل هذا الرقم المجلاّت التي تجعل مقالاتها متاحة للعموم بعد مرور فترة من الزمن، مثل مجلّة «ساينس»، التي تتيح الوصول المفتوح الى البحوث بعد مرور سنة على نشرها. وتوضح مديرة هذه الدراسة بو- كريستر بجورك، من جامعة هانكن للعلوم الاقتصادية في هلسنكي، أن البحوث التي توضع قيد الوصول المفتوح، تنمو بقرابة 1 في المئة سنوياً.
وكذلك يشير مايكل إيزن، وهو اختصاصي في المحاكاة الافتراضية على الكومبيوتر في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، أن «حركة الوصول المفتوح» حقّقت نجاحًا ملحوظاً في الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية مثل بريطانيا.
وحاضراً، يدرس صُنّاع السياسة في أميركا قانوناً يُلزم المؤسسات الخاصة التي تموّل بحوثاً علمية في الطب والبيولوجيا، بأن ترسل نسخاً من تلك البحوث كلها إلى مواقع مفتوحة الوصول على الإنترنت.
في المقابل، يحتدم النقاش حول ما إذا كان الوصول المفتوح يسرّع التقدّم في العلوم بصورة مجدية فعلياً، ويرى البعض أن الباحثين الأكاديميين يتمتعون أصلاً بنفاذٍ مفتوحٍ إلى المقالات التي يحتاجون إليها، ما يعني أن تعميم الوصول المفتوح يشكّل استمرارية لسياسة اعتمدت لوقت طويل في المجال العلمي. وفي المقابل، يُبدي نقّاد حرية الوصول خشيتهم من أن تَوَسُّع هذه الحركة ربما قاد إلى تشجيع البحوث المتوسطة المستوى على حساب البحوث المعمَّقة. ويشير هؤلاء إلى أنّ «بلوس» مثلاً نجحت ماليًّا نظراً لأنّ إحدى مجلاّتها تجمع رسوماً على الآلاف من البحوث التي تَجري مراجعتها بشكل سطحي.
ويخشى بعض دور النشر التقليديّة (الورقية) وعدد من الجمعيات العلميّة، أن تصل المكتبات في المستقبل إلى نقطة انقلابٍ تتخلى فيها عن الاشتراكات، ما يهدد بالقضاء على عمل المجلات العلمية كلياً. ولكن، حتّى الآن لم يظهر في سوق المجلات الورقية ما يشير إلى أنّ سياسة الوصول المفتوح على الإنترنت قد ألحقت أي ضرر بها.
وعلى رغم أن علماء الفيزياء في طليعة من سعوا لنشر البحوث بصورة مفتوحة عبر الإنترنت منذ قرابة العقدين، إلا أن هذا الأمر بقي نادراً في الطب والبيولوجيا حتى العام 2000. ففي تلك السنة، قرر الرئيس بيل كلينتون وضع المعلومات عن الجينوم البشري على الإنترنت بصورة مفتوحة، باعتبار أنها جزء من المعرفة الإنسانية. وتحقّق ذلك عندما توصّل العلماء الى تفكيك شيفرة الجينوم.
وشهد العام 2000 أيضاً، انطلاق المكتبة الإلكترونية المفتوحة الأولى للطب والبيولوجيا، وهي «بيوميد سنترال» BioMed Central، (مقرّها لندن) على يد فيتيك تراكز. في البداية، لم تستوف هذه المكتبة رسوماً من مؤلفي البحوث العلمية، إذ خططت لتغطية مصاريفها عبر مشاريع نشر أخرى. وفي تلك السنة عينها، أطلقت «المعاهد الوطنية للصحة» الأرشيف الإلكتروني المفتوح للطب والبيولوجيا، وهو «بوب ميد سنترال» PubMed Central. واعتبر فارمُس الأمر نجاحاً له ولحركة الوصول المفتوح التي يساندها، لأنه تقدّم بمقترح لإنشاء «بوب ميد سنترال» قبيل انتهاء ولايته في «معاهد الصحة الوطنية».
نشر المعرفة يصارع رأس المال
في العام 2000 أيضاً وأيضاً، أسّس فارمُس وأيزن والبروفسور باتريك براون، اختصاصي في علوم الوراثة في جامعة ستانفورد، مكتبة «بلوس» الإلكترونية. وجمع العلماء الثلاثة أكثر من ثلاثين ألف إمضاء لبحّاثة، على رسالة مفتوحة تهدّد بمقاطعة المجلاّت التي لا تسمح بالوصول المفتوح لمقالاتهم (عبر موقع «بوب ميد سنترال») التي يصفون فيها بحوثهم بعد مرور ستّة شهور على نشرها.
لم يترك هذا التهديد تأثيراً كبيراً، لكنه حفز مسؤولي «بلوس» على البحث عن وسيلة أفضل لدفع حركة الوصول المفتوح وثورتها. ففي العام 2003، أطلقت «بلوس» مجلّة مجانية بعنوان «بلوس بيولوجي» PLOS Biology، بفضل هبةٍ بتسعة ملايين دولار من مؤسسة خاصة. وسمح هذا المبلغ بتوظيف أشخاص موهوبين من أهمّ المجلاّت في الطب والبيولوجيا، مثل «سيل» Cell. واستهلكت هذا المبلغ بسرعة في بادئ الأمر، فعمدت «بلوس» إلى زيادة رسم الكاتب الرئيسي للمقال عن البحث العلمي ليصبح 1500 دولار، مع إمكان إعفاء الكتّاب الذين يعانون من ضائقة مالية.
في العام 2006، ازدادت أرباح «بلوس» بعد إطلاق مجلّة «بلوس وان»، PloS ONE التي عملت بموجب مبدأ علمي جديد في عملية مراجعة المقالات من قِبل اختصاصيين، يقضي بأن تجري المراجعة توخياً للدقة العلمية وحدها.
وازداد تقديم المقالات إلى «بلوس وان»، فارتفعت مداخيل مكتبة «بلوس» التي من المتوقع أن تنشر 7500 بحث هذه السنة، ما يجعلها المجلة الأكبر عالمياً.
وحاضراً تفرض «بيوميد سنترال» التي بدأت باستيفاء رسوم من العلماء- الكُتّاب في العام 2002، ما يتراوح بين 1300 و2400 دولاراً، للبحث. وتنفّذ هذه السياسة في غالبية مجلاتها (206 مجلات). وفي هذا الصدد، يوضح ماثيو كوكريل المدير العام في «بيوميد سنترال» أنّ هذه الطريقة كانت مربحة لبعض الوقت. وكدليل على ذلك يشير إلى أنّ دار النشر العملاقة «سبرنغر» استحوذت في العام 2008 على «بيوميد سنترال»، في سياق انتقال «سبرنغر» إلى العمل على مجلات الوصول المفتوح الخاصة بها. وثمة مشروع آخر ناجح يتمثل بمؤسسة «هنداوي» للنشر في القاهرة التي تعتمد رسوماً منخفضة، وتنشر أكثر من مئتي مجلة بطريقة الوصول المفتوح. وتتناول مجلات «هنداوي» مواضيع في علوم الطب والبيولوجيا، مستوفية رسوماً تتراوح بين 600 و1500 دولاراً للبحث. وثمة أيضًا مجلاّت تتبع شركات خاصة، تتبنّى طريقة الوصول المفتوح، على غرار «نيو جورنال أوف فيزيكس» New Journal of Physics Intl و «أوبتيكس إكسبرس» Optics Express. وأضحت هذه المجلات المفتوحة في صدارة المصادر المؤثّرة في العلوم التي تتناولها، كما يظهر من مؤشر التأثير الذي يقيس عدد المرات التي جرى فيها الاقتباس من المجلّة في بحوث علمية رصينة. وتُعَلّق ماري والتام مستشارة النشر لدى دار «برنستن» الأميركية للنشر على هذه الوقائع بالقول: «إنّ هذه المؤسسات تنجح لأنّها حصلت على دعم مجتمع الاختصاص».
< قبل عشر سنوات، تعهّد ثلاثة علماء أميركيّون في الطب الحيوي العملَ على بدء ثورة في مجال النشر العلمي. أرادوا إقناع ناشري المجلات العلمية الورقية بأن يرسلوا البحوث العلمية التي تصلهم إلى موقع مكتبة إلكترونية مجانية، مقابل أن يفرضوا رسوماً على العلماء الذين يرسلون نتائج بحوثهم، باعتبار ان النشر يمثّل ترويجاً لهم، إضافة الى أن هذه البحوث مموَّلة أصلاً من الحكومة أو الشركات العملاقة.
وأطلق هؤلاء العلماء على مشروعهم اسم «المكتبة العامة للعلوم» (اسمها المختصر «بلوس» «PLOS»، ورأوا فيها حلاً لمشكلة تصاعد كلفة المجلاّت، إضافة الى أنها تساهم في نقل المعارف العلمية عالمياً، لأنها تضع البحوث في فضاء الانترنت بصورة مفتوحة.
فجوة المعرفة تسدّها الحرية الرقمية
وأوضح مؤسسو «المكتبة العامة للعلوم»، ومن بينهم هارولد فارمُس، المدير السابق لـ «المعاهد الوطنية للصحة»، والمدير الحالي لـ «المعهد الوطني للسرطان»، أنّ إتاحة أوراق البحوث عالمياً بشكلٍ مجّاني، يزيد بشكلٍ كبيرٍ من إمكان الوصول إلى المنشورات العلمية، ويعزّز الإنتاج العلمي، ويلمّ شمل المجوعات المختلفة التي تعمل في بحوث الطب والبيولوجيا.
تحصد «حركة الوصول المفتوح» Open Access Movement حالياً النجاحَ، إذ ينتج ناشرو المجلات العلمية الورقية مئات المجلات الإلكترونية المجانية والمُنَقَّحة من ذوي الاختصاص نفسه. وأطلقت المكتبة الإلكترونية «بلوس» أوّل مجلّة لها في العام 2003. وأمام الكونغرس الأميركي، أوضحت كاترين نانكاراو، وهي مديرة تحرير في «بلوس»، أن هذه المكتبة الرقمية حققت ربحاً صغيراً هذه السنة، ما يعتبر علامةً فارقةً في مسار «بلوس» والمنشورات الرقمية العلمية المفتوحة الوصول جميعها.
ولتبيان أهمية هذا التغيير، يجب تذكّر الصورة السابقة لنشر البحوث العلمية في الطب والبيولوجيا، فقد جرت العادة أن تطلب مؤسسات التمويل من العلماء إرسال نسخ من مقالاتهم المنشورة في المجلات الورقية إلى أرشيفات إلكترونية مجانية، مثل موقع «بوب ميد سنترال» PubMed Central التابع للمعاهد الوطنية للصحة.
وتبيّن دراسة حديثة أنّ عشرين في المئة من المقالات العلمية الموثّقة، تصل إلى مخازن رقمية مجانية. ويشمل هذا الرقم المجلاّت التي تجعل مقالاتها متاحة للعموم بعد مرور فترة من الزمن، مثل مجلّة «ساينس»، التي تتيح الوصول المفتوح الى البحوث بعد مرور سنة على نشرها. وتوضح مديرة هذه الدراسة بو- كريستر بجورك، من جامعة هانكن للعلوم الاقتصادية في هلسنكي، أن البحوث التي توضع قيد الوصول المفتوح، تنمو بقرابة 1 في المئة سنوياً.
وكذلك يشير مايكل إيزن، وهو اختصاصي في المحاكاة الافتراضية على الكومبيوتر في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، أن «حركة الوصول المفتوح» حقّقت نجاحًا ملحوظاً في الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية مثل بريطانيا.
وحاضراً، يدرس صُنّاع السياسة في أميركا قانوناً يُلزم المؤسسات الخاصة التي تموّل بحوثاً علمية في الطب والبيولوجيا، بأن ترسل نسخاً من تلك البحوث كلها إلى مواقع مفتوحة الوصول على الإنترنت.
في المقابل، يحتدم النقاش حول ما إذا كان الوصول المفتوح يسرّع التقدّم في العلوم بصورة مجدية فعلياً، ويرى البعض أن الباحثين الأكاديميين يتمتعون أصلاً بنفاذٍ مفتوحٍ إلى المقالات التي يحتاجون إليها، ما يعني أن تعميم الوصول المفتوح يشكّل استمرارية لسياسة اعتمدت لوقت طويل في المجال العلمي. وفي المقابل، يُبدي نقّاد حرية الوصول خشيتهم من أن تَوَسُّع هذه الحركة ربما قاد إلى تشجيع البحوث المتوسطة المستوى على حساب البحوث المعمَّقة. ويشير هؤلاء إلى أنّ «بلوس» مثلاً نجحت ماليًّا نظراً لأنّ إحدى مجلاّتها تجمع رسوماً على الآلاف من البحوث التي تَجري مراجعتها بشكل سطحي.
ويخشى بعض دور النشر التقليديّة (الورقية) وعدد من الجمعيات العلميّة، أن تصل المكتبات في المستقبل إلى نقطة انقلابٍ تتخلى فيها عن الاشتراكات، ما يهدد بالقضاء على عمل المجلات العلمية كلياً. ولكن، حتّى الآن لم يظهر في سوق المجلات الورقية ما يشير إلى أنّ سياسة الوصول المفتوح على الإنترنت قد ألحقت أي ضرر بها.
وعلى رغم أن علماء الفيزياء في طليعة من سعوا لنشر البحوث بصورة مفتوحة عبر الإنترنت منذ قرابة العقدين، إلا أن هذا الأمر بقي نادراً في الطب والبيولوجيا حتى العام 2000. ففي تلك السنة، قرر الرئيس بيل كلينتون وضع المعلومات عن الجينوم البشري على الإنترنت بصورة مفتوحة، باعتبار أنها جزء من المعرفة الإنسانية. وتحقّق ذلك عندما توصّل العلماء الى تفكيك شيفرة الجينوم.
وشهد العام 2000 أيضاً، انطلاق المكتبة الإلكترونية المفتوحة الأولى للطب والبيولوجيا، وهي «بيوميد سنترال» BioMed Central، (مقرّها لندن) على يد فيتيك تراكز. في البداية، لم تستوف هذه المكتبة رسوماً من مؤلفي البحوث العلمية، إذ خططت لتغطية مصاريفها عبر مشاريع نشر أخرى. وفي تلك السنة عينها، أطلقت «المعاهد الوطنية للصحة» الأرشيف الإلكتروني المفتوح للطب والبيولوجيا، وهو «بوب ميد سنترال» PubMed Central. واعتبر فارمُس الأمر نجاحاً له ولحركة الوصول المفتوح التي يساندها، لأنه تقدّم بمقترح لإنشاء «بوب ميد سنترال» قبيل انتهاء ولايته في «معاهد الصحة الوطنية».
نشر المعرفة يصارع رأس المال
في العام 2000 أيضاً وأيضاً، أسّس فارمُس وأيزن والبروفسور باتريك براون، اختصاصي في علوم الوراثة في جامعة ستانفورد، مكتبة «بلوس» الإلكترونية. وجمع العلماء الثلاثة أكثر من ثلاثين ألف إمضاء لبحّاثة، على رسالة مفتوحة تهدّد بمقاطعة المجلاّت التي لا تسمح بالوصول المفتوح لمقالاتهم (عبر موقع «بوب ميد سنترال») التي يصفون فيها بحوثهم بعد مرور ستّة شهور على نشرها.
لم يترك هذا التهديد تأثيراً كبيراً، لكنه حفز مسؤولي «بلوس» على البحث عن وسيلة أفضل لدفع حركة الوصول المفتوح وثورتها. ففي العام 2003، أطلقت «بلوس» مجلّة مجانية بعنوان «بلوس بيولوجي» PLOS Biology، بفضل هبةٍ بتسعة ملايين دولار من مؤسسة خاصة. وسمح هذا المبلغ بتوظيف أشخاص موهوبين من أهمّ المجلاّت في الطب والبيولوجيا، مثل «سيل» Cell. واستهلكت هذا المبلغ بسرعة في بادئ الأمر، فعمدت «بلوس» إلى زيادة رسم الكاتب الرئيسي للمقال عن البحث العلمي ليصبح 1500 دولار، مع إمكان إعفاء الكتّاب الذين يعانون من ضائقة مالية.
في العام 2006، ازدادت أرباح «بلوس» بعد إطلاق مجلّة «بلوس وان»، PloS ONE التي عملت بموجب مبدأ علمي جديد في عملية مراجعة المقالات من قِبل اختصاصيين، يقضي بأن تجري المراجعة توخياً للدقة العلمية وحدها.
وازداد تقديم المقالات إلى «بلوس وان»، فارتفعت مداخيل مكتبة «بلوس» التي من المتوقع أن تنشر 7500 بحث هذه السنة، ما يجعلها المجلة الأكبر عالمياً.
وحاضراً تفرض «بيوميد سنترال» التي بدأت باستيفاء رسوم من العلماء- الكُتّاب في العام 2002، ما يتراوح بين 1300 و2400 دولاراً، للبحث. وتنفّذ هذه السياسة في غالبية مجلاتها (206 مجلات). وفي هذا الصدد، يوضح ماثيو كوكريل المدير العام في «بيوميد سنترال» أنّ هذه الطريقة كانت مربحة لبعض الوقت. وكدليل على ذلك يشير إلى أنّ دار النشر العملاقة «سبرنغر» استحوذت في العام 2008 على «بيوميد سنترال»، في سياق انتقال «سبرنغر» إلى العمل على مجلات الوصول المفتوح الخاصة بها. وثمة مشروع آخر ناجح يتمثل بمؤسسة «هنداوي» للنشر في القاهرة التي تعتمد رسوماً منخفضة، وتنشر أكثر من مئتي مجلة بطريقة الوصول المفتوح. وتتناول مجلات «هنداوي» مواضيع في علوم الطب والبيولوجيا، مستوفية رسوماً تتراوح بين 600 و1500 دولاراً للبحث. وثمة أيضًا مجلاّت تتبع شركات خاصة، تتبنّى طريقة الوصول المفتوح، على غرار «نيو جورنال أوف فيزيكس» New Journal of Physics Intl و «أوبتيكس إكسبرس» Optics Express. وأضحت هذه المجلات المفتوحة في صدارة المصادر المؤثّرة في العلوم التي تتناولها، كما يظهر من مؤشر التأثير الذي يقيس عدد المرات التي جرى فيها الاقتباس من المجلّة في بحوث علمية رصينة. وتُعَلّق ماري والتام مستشارة النشر لدى دار «برنستن» الأميركية للنشر على هذه الوقائع بالقول: «إنّ هذه المؤسسات تنجح لأنّها حصلت على دعم مجتمع الاختصاص».
التتمة على الرابط التالي: